المقالة السادسة:
بقلم المستشار الدكتور/ أيمن حامد سليمان
رئيس مجموعة شركات أيمن حامد سليمان-
رئيس المجلس الأعلى للدفاع عن حقوق الإنسان
والمدير العام لمؤسسة مصر للدفاع عن حقوق الإنسان
الرئيس الإقليمى والمدير العام لمنطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا
لمؤسسة الأقطار العربية للنفط للتعاون بين الشعوب (أوابك- مصر)
ورئيس المجلس التنفيذي والمدير العام
لجمعية مهندسى البترول والتعدين والغاز (SPE-EGYPT)
المجتمع المدني الحقيقي يستند إلى جملة من الأمور أهمها : توافر الاحترام المتبادل بين شرائح هذا المجتمع على اختلاف المستويات العمرية والكفاءات العلمية، إضافة إلى ما هو أهم، وهو احترام المرأة وحقوقها، وما تحمله من هواجس من شأنها إذا عبرت عنها علانية، أن تسد فراغات ما كانت أن تسد، إلا في ظل هذه الثقافة المدنية المجتمعية، التي نسعى لأن نتلمس خيوطها، وذلك لاعتبار أن العمل في مجال المجتمع المدني طوعي، ويستوجب على المرأة ثقافة مجتمعية، وعلى مستوى أوسع مما عليه الآن كسبيل إلى الوصول إلى حقوقها، ومعرفة الطريق إلى هذه الحقوق ونشرها كثقافة إنسانية، لا نسائية فحسب، لدرجة أن تستطيع كل إمرأة أن تدافع عن حقها على مختلف المستويات التعليمية، والدخول في تنظيمات نسائية تعنى بشؤون المرأة وتدافع عنها، لا أن يترك للرجل فرصته في الإجحاف بحقوقها أو حتى السعي في خلاصها من واقعها المبهم والأليم، إلى الوقت الراهن، فالواقع يفرض - وخلال تجارب كثيرة - بأن الحق لن يضيع إذا كان وراءه من يطالب به ناهيك عن المغالطات، والالتباسات التي نقع فيها من سوء فهم وتقدير لأمور الحرية ضمن القوقعة والقيود التي صنعناها بأيدينا لأنفسنا، كي تلائم واقعنا الضبابي، ولا تجعل رياح الحرية تهب علينا وتزيل ما هو مزيف و مستور، ضمن ستار الجهل، والأعراف البالية !
وما إن يفتتح نقاش عن المرأة، وما تلاقيه من ظلم واضطهاد، حتى نبادر في الغالب باللجوء إلى عبارات لا مثيل لها في الدفاع عن المرأة، وتبني شعارات رنانة تحد من ظلم المرأة والمساواة بينها وبين الرجل، حيث تأخذنا هذه الكلمات إلى جملة قد تكون أكثر تعمقا ودلالة مما نعنيه، ونشير إليه، ألا وهو أن المرأة نصف المجتمع وأن غياب دور هذا النصف، يؤدي إلى خلل واضح في حركة المجتمع، لا سيما أننا بتفكيرنا نهدف إلى مجتمع مدني أكثر تماسكا وفاعلية، فأين نحن من قول نردده مرارا وتكرارا، لو لم نكن نعي حقيقة الكلام على أرض الواقع، وما قد أفرزت هذه المفاهيم - في مجتمعات أخرى - من نتائج كبيرة ومهمة، لاقت المرأة من ثمارها ما يثري ويغني هذا المجتمع، وبخاصة أن التعمق النظري في خوض موضوع المرأة، لا يعني البتة الدلالة على ضعفها، وعدم قدرتها على الدفاع عن حقوقها، وهو السؤال الأكثر إلحاحا منذ القدم، لأن مفهوم اعتبار المرأة - كنصف مكمل للرجل - دليل على قوتها، فيما إذا كان الرجل قويا بالفعل. كما أن الإسهاب في هدر طاقة المرأة، ودون أي شك يقع على عاتق طبيعة التشريعات والقوانين الإنسانية التي نفرضها على أنفسنا، والمرأة هي شريكة مفترضة في ذلك.
إن الأصوات الذكورية ذاتها التي تنادي بحقوق المرأة، قد تقف في أحايين كثيرة، وبنبرة حادة، حاجزا أمام حرية المرأة في أمور شتى، تشكيكا بجوهرها وزعما بأنها ستقف حجر عثرة أمام لائحة الأمور المباحة للرجل، والمحرمة على المرأة، والقائمة تطول إذا ما أحصينا تفاصيلها على نحو جدي..!
ويبقى علينا أن نكون واقعيين مع أنفسنا، عندما نطالب بحق من حقوق المرأة، ولو كان هذا الحق يتعارض مع الأعراف التي نتبناها في خدمة مصالح ونزوات شخصية، تشل فينا حركة طرف آخر، يعمل بديناميكية قوية، في ظروف المجتمع المدني متكافئ الفرص، ودون ذلك فنحن أمام مأزق الأسلاف والأجداد، وبعيدا عن الفكر الديني، اعتبارًا بأننا نبحث في الأعراف والتقاليد القائمة التي تلقي بظلالها الداكنة علينا.
هذا، وتقول المحامية اليمنية غناء حيدر المقداد: هناك من القوانين واللوائح التي أكدت الحق المكتسب للمواطنين دون تمييز، وإلغاء جميع أشكال التمييز ضد المرأة. ومع ذلك فإن حقوق المرأة وأهليتها للولاية السياسية والمشاركة الاقتصادية مهما بدت مقبولة من أطراف ومؤسسات اجتماعية وسياسية ودينية تبقى خاضعة لازدواجية المراهنات السياسية وتتحول إلى مجرد وعود مؤجلة !!
لذلك؛ فالحق الشرعي والدستوري المكفول للمرأة لا يمكن أن يتحقق بصورة تلقائية في ظل القيود والحصار لمشاركتها، ويطلب من المرأة العمل على انتزاع حقها في المشاركة السياسية والاقتصادية وبقدرات ذاتية مسلوبة أصلا، أو يتم الانتظار لعقود أخرى حتى تتكامل أهليتها فتخوض المنافسة المتكافئة حسب اعتقاد البعض و من خلال محاولات المرأة في الفترة المنصرمة ممارسة حقها الديمقراطي، في ظل ما كفله الدستور والقوانين ومن خلال الوعود التي تقطعها الأحزاب، غير أن الازدواجية الصارخة قد عرقلت مشاركتها بما يكفي بحكم تعاطيهم مع قضايا المرأة بوجهة النظر القاصرة القدرات المرأة. وخير مثال على ذلك : تراجع مشاركة المرأة في الانتخابات البرلمانية.
أما على مستوى إشراك المرأة في صناعة القرار السياسي والاقتصادي فهو مؤشر على مستوى رسوخ وقناعات مزدوجة بأحقية المرأة في الإشراك الفاعل في صنع القرار، وإن الإشراك الرمزي في المواقع المهمة كان لا يزال السمة المميزة لسلوك صانعي القرار، ولا يختلف الحديث في إطار الأحزاب بهيئاتها المختلفة فهو لم يتجاوز الإشراك الديكوري.
ونجد المبررات والحجج التي تساق، لا تتعدى الحديث عن الواقع الرافض وعن قدرات المرأة المتواضعة بحسب زعم البعض) التي لن تؤهلها لفرض نفسها كمنافسة ذات أهلية متكافئة.
ونجد مؤشرات التراجع في مواقع اتخاذ القرار يمكن أن تتحسن من خلال موقف وإرادة سياسية من نوع آخر قد تشكل في إطار مشروع تدعمه الدولة ومنظمات المجتمع المدني ممثلة في الأحزاب السياسية في حالة إيمانها بضرورة تغيير الأدوار التقليدية للمرأة.
المستشار الدكتور / أيمن حامد سليمان
رئيس مجموعة شركات أيمن حامد سليمان
رئيس المجلس التنفيذى لجمعية مهندسي البترول والتعدين والغاز
ورئيس المجلس الاعلي للدفاع عن حقوق الانسان والأمين العام للأتصال السياسى
لمؤسسة مصر للدفاع عن حقوق الانسان
والرئيس الأقليمى لمنطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا والأمين العام للتعاون العربى المشترك
لمؤسسة الاقطار العربية للنفط