المقالة الثانية :
بقلم المستشار الدكتور/ أيمن حامد سليمان
رئيس مجموعة شركات أيمن حامد سليمان-
رئيس المجلس الأعلى للدفاع عن حقوق الإنسان
والمدير العام لمؤسسة مصر للدفاع عن حقوق الإنسان
الرئيس الإقليمى والمدير العام لمنطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا
لمؤسسة الأقطار العربية للنفط للتعاون بين الشعوب (أوابك- مصر)
ورئيس المجلس التنفيذي والمدير العام
لجمعية مهندسى البترول والتعدين والغاز (SPE-EGYPT)
المرأة والطفل في ثقافة المجتمع المدني
من المتوقع في ظل المناخ المفترض وجوده في ظل تنظيمات المجتمع المدني أن يكون هناك اهتمام بالمرأة من ناحية حقوقية، وذلك بطرح قضية حصول المرأة على حقوقها على المستوى الخاص والعام .
وذلك لأن المرأة العربية تعاني الإجحاف في الحصول على حقوق متساوية مع الرجل في المجتمع نتيجة للخلفية الثقافية للمجتمعات العربية التي تعد مجتمعات أبوية ذكورية، غير أن هناك جهات لتنظيمات المجتمع المدني في سبيل حصول المرأة على حقوقها، بل ظهرت نوعية من تنظيمات المجتمع المدني تهتم بالدفاع عن حقوق المرأة وتوعية المرأة بحقوقها، وإن كانت تصنف بأنها نسائية غالبا .
وكذلك الاهتمام بفئات معينة من النساء كالمرأة الفقيرة، والمرأة المتعرضة للعنف والاضطهاد، ومن ناحية ثانية فإنه يتوقع في ظل المناخ المثالي الذي يظهر في ثقافة المجتمع المدني أن تتاح الفرصة للمرأة للمشاركة الشعبية باعتبارها فردا ينتمي للمجتمع ويشارك في تنميته وذلك من خلال أن يكون لها دور في هذا النوع من التنظيمات، من حيث عضويتها في هذه التنظيمات، وإمكانية وجودها في المراكز القيادية لهذه التنظيمات .
وينبع الاهتمام بقضية عضوية المرأة في تنظيمات المجتمع المدني، وبالأخص في مراكز صنع القرار لما يعول على عضوية المرأة في هذه التنظيمات من طرح قضايا المرأة على أجندتها .
دور المرأة في المجتمع المدني :
من المبادئ الدولية المستقرة في الإعلانات والمواثيق الدولية قبل نصف قرن، حق المرأة كإنسان في أن تكون في مأمن من التعذيب أو المعاملة السيئة أو العقوبة القاسية أو اللإنسانية أو المهينة، والحق في الحرية والأمن الشخصي؛ لذلك يشكل العنف ضد المرأة بجميع أشكاله مظهر العلاقات قوى غير متكافئة بين الرجل والمرأة عبرا التاريخ، أدت إلي هيمنة الرجل على المرأة وممارسته التمييز ضدها والإحالة دون نهوضها الكامل. وقد كان ذلك دافعا للمنظمات النسائية للمطالبة بوجود المرأة في مواقع صنع القرار .
هذا؛ وتؤكد الآراء الحديثة الواردة في أدبيات التنمية أن نجاح برامج التنمية وضمان استدامتها، وقدرة المجتمعات على مواجهة التغيرات العالمية والتواؤم معها مرهون بمشاركة العنصر البشري وحسن إعداد وطبيعة تأهيله. وتعتبر المرأة العربية عنصرا مهما في عملية التنمية. وإذا ما أريد لهذا العنصر أن يكون فعالاً؛ فلا بد أن تتوافر للمرأة معطيات أساسية تمكنها من المساهمة الإيجابية في حركة التنمية وتوجيهها، ويأتي في مقدمة هذه المعطيات: الإنتاج الاقتصادي الذي يضعها في موضع القوة ويجعلها قادرة على خدمة مجتمعها. ويعتبر عمل المرأة في المؤسسات الخير المتاحة تدعيما لقدرتها الاقتصادية، كما يعطي مؤشرا واضحًا على تفهم المرأة دورها في بناء المجتمع، وقدرتها على المشاركة الحقيقية في التنمية خاصة إذا ما أدركنا أن دورها في هذه المؤسسات في تطور مستمر ؛ نظرًا لما وصلت إليه المرأة من قدرة على الأداء....
وسوف نعرض هنا الدور المتغير الذي تلعبه المرأة :
أولا : بالنسبة لمشاركة المرأة في التنمية
يتصل مفهوم المشاركة بمفهومي: التنمية والتمكين اتصالا وثيقا، فلقد أضحى من المسلم به أن تنمية حقيقية يستحيل إنجازها على أي صعيد، دون مشاركة الناس بقطاعاتهم المختلفة، وفئاتهم وطبقاتهم وشرائحهم الاجتماعية، في صنعها من ناحية، وفي جني ثمارها من ناحية أخرى.
وإن درجة المشاركة ونطاقها تحدد إلى درجة كبيرة توزيع القوة في المجتمع، بمعنى: القدرة على إحداث تأثير في الآخر الذي قد يكون فردا أو جماعة أو مجتمعًا بكامله، إلى المدى الذي نستطيع أن نقول فيه : إن المشاركة والتمكين هما وجهان لعملة واحدة. أي أن المشاركة لا تستهدف فقط تنمية المجتمع وصنع مستقبله بل تستهدف أيضًا تنمية الذات المشاركة وتطوير قدراتها وإمكاناتها ووجودها الفاعل والمؤثر في الحياة الاجتماعية على أصعدتها المختلفة. ومن هنا فإن درجة مشاركة النساء في الجوانب المختلفة للواقع الاجتماعي تقف كمؤشر أساسي على وضع المرأة ومشكلاتها، ومكانتها وقوتها وتمكنها في المجتمع.
ورغم حداثة مفهوم المشاركة النسائية، وارتباطه بتطورات حديثة في الحركة الاجتماعية بصورة عامة، والحركة النسائية بصفة خاصة، فإن ثمة أشكالاً من المشاركة التقليدية للنساء، وبصفة خاصة في مجتمعنا العربي لا ينبغي تجاهلها، بل إن أي دعوة لمشاركة المرأة العربية مرهونة في نجاحها باستلهامها وارتباطها بأشكال المشاركة التقليدية المتجذرة في ثقافتنا، مع إفادتها في الوقت ذاته بالمدلولات الحديثة لمفهوم المشاركة.
تكتسب (المشاركة) إذن أهميتها ودلالتها بالنسبة للمرأة وقضاياها من حيث كونها آلية أساسية لتنمية الذات (المرأة ذاتها) وتنمية الموضوع المجتمع والواقع الاجتماعي) وهما بعد أن يرتبطان ارتباطا جدليًا، فالذات أو الشخصية المتفتحة القوية والمزدهرة والفاعلة هي القادرة على تحقيق النمو الاجتماعي والاقتصادي والسياسي، كما أن النمو الاجتماعي بدوره يمكن أن يقاس بمدى الفرص التي يتيحها لتحقيق مشاركة القطاعات المختلفة وتفتحها وازدهارها وفاعليتها.
دور تنظيمات المجتمع المدني في تمكين المرأة
في ضوء الطموحات التي كانت مرجوة من تنظيمات المجتمع المدني لمساعدة الفئات المحرومة والمهمشة في المجتمع، وفي ضوء تحقيق العدالة ونشر قيم الديمقراطية وحقوق الإنسان كان يفترض أن تنال المرأة العربية امتيازات وحقوقا تحت مظلة تنظيمات المجتمع المدني، إلا أن هذا النوع من التنظيمات في مجتمعاتنا العربية لا يزال تحت وطأة الثقافة الذكورية للمجتمع حيث تحد هذه الثقافة من إعطاء المرأة حقوقها وأن تتاح لها الفرص للمشاركة.
ولا يمكن أن ننكر بأن هناك بعض التنظيمات استطاعت أن تنشر الوعي بحقوق المرأة وأن تسعى إلى الحصول على بعض من . هذه الحقوق، إلا إلا أن أن الآمال ل المرجوة من تنظيمات المجتمع في قضية المرأة لم تتحقق، فما زال أمام هذه التنظيمات في المجتمع العربي طريق طويل لإنصافها واسترداد عافيتها .
ومن خلال الاطلاع على تقرير الشبكة العربية للمنظمات الأهلية، والذي ضم خمسة عشر تقريرا حول دور تنظيمات المجتمع المدني في تمكين المرأة، يتضح لنا أن غالبية الأنشطة والبرامج الموجهة للمرأة العربية تنصب في مجال التمكين الاقتصادي أكثر من التمكين السياسي من خلال تدريبها على بعض المهن وإكسابها بعض المهارات التي تمكنها من توفير مصدر دخل خاص بها، كما أن هذه البرامج والدورات التدريبية التي تقدمها تنظيمات المجتمع المدني للمرأة العربية تقليدية ومتكررة، مثل: الخياطة والتطريز والسكرتارية.
وهناك اهتمام بمجال التمكين الاجتماعي من خلال نشر الوعي الصحي للمرأة، ورفع مستواها التعليمي، والاهتمام بموضوع العنف ضد المرأة في المجتمعات العربية.
ويعتبر مجال التمكين السياسي من أقل مجالات تمكين المرأة اهتماما من قبل تنظيمات المجتمع المدني كما تختلف من قطر عربي إلى آخر .
ولكي تقوم تنظيمات المجتمع المدني بدورها في خدمة قضايا المرأة في المجتمعات العربية بشكل خاص والإنسان العربي بشكل عام، لا بد أن تكون هناك بيئة مجتمعية تساعد هذه التنظيمات في أداء دوره
مفهوم التمكين والبحث عن القوة:
تشترط عملية المشاركة بصفة عامة على درجة معينة من القوة أو التمكين، إذ إن المشارك في الحياة اليومية هو فاعل لديه القدرة على الفعل والاختيار وتحقيق الأوضاع والأهداف التي يرغبها، ومن ثم فإن المشاركة الحقيقية تعني وتفترض درجة الفاعلية وشروط تحققها، وقدرة الإنسان المرأة هنا) على تحقيق إرادتها وتطلعاتها على الصعيد الاجتماعي على أساس أن السعي نحو القوة عنصر كامن في الفعل الاجتماعي، وهو مصدر أساسي لمقاومة التنظيمات والمؤسسات الاجتماعية الضاغطة.
ويرتبط مفهوم التمكين في التحليلات السسيولوجية الحديثة بمفهومين آخرين؛ تحقيق الذات أو حضور الذات، وهو المفهوم الذي يشير إلى الوعي والمعرفة والخبرة أو القابلية لامتلاك تلك العناصر الضرورية للمشاركة ومقاومة الضغوط الاجتماعية.
إن المشاركة بهذا المعنى تشير إلى مدى القدرة على الفعل وصنع الظروف ومقاومة الضغوط وصولا إلى تحقيق الذات وتحقيق القوة أو التمكن بإزاء الظروف ذاتها .
ونستطيع القول في هذا الصدد إن المرأة عامة والمرأة العربية بصفة خاصة لا تزال تستشعر الكثير من الضغوط المؤسسية الاجتماعية التي تعوق مشاركتها في صنع كل ما من شأنه أن يطور مشاركة المرأة وينمي من قدرتها ووعيها ومعرفتها، ومن ثم تحقيق ذاتها على مختلف الأصعدة المادية والسيكولوجية والاجتماعية والسياسية، ويتيح لديها جميع القدرات والإمكانات التي تجعلها قادرة على السيطرة على ظروفها ووضعها ، ومن ثم الإسهام الحر والواعي في بناء المجتمع على جميع أصعدته .
المستشار الدكتور / أيمن حامد سليمان
رئيس مجموعة شركات أيمن حامد سليمان
رئيس المجلس التنفيذى لجمعية مهندسي البترول والتعدين والغاز
ورئيس المجلس الاعلي للدفاع عن حقوق الانسان والأمين العام للأتصال السياسى
لمؤسسة مصر للدفاع عن حقوق الانسان
والرئيس الأقليمى لمنطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا والأمين العام للتعاون العربى المشترك
لمؤسسة الاقطار العربية للنفط